((موكب جنائزي بلا مشيعين ....)) (( فصحيات ....83))
لقد أنزل المخلص من على الصليب بين أيدي أصدقاء قليل عددهم وهم يوسف الرامي ونيقوديموس وبعض النسوة مع أمه مريم العذراء
ولم تحرك المرؤة أحداً ممن كان ينتظر وجودهم في تلك الساعة
لقد تركه كثيرين وابتعدوا عنه
كم كنا نتمنى أن اليد اليابسة التي شفاها الرب يسوع تتقدم قبل أيدي يوسف ونيقوديمس لتخرج المسامير من يديه ورجليه
ولكن كثير من المنتفعين لا يظهرون وقت الشدة ، أنهم كالنحل لا يعرفون عن الزهور سوى رحيقها
اما ما فعله يوسف ونيقوديموس هو أقل اكرام لاعظم جسد عاش على الأرض عندما كفنا الجسد ووضعاه في قبر منحوت بالصخر كان يوسف أعده لنفسه
لقد أظهر الصديقان أن المحبة الحقيقية تظهر في وقت الشدة ولا شدة تحل بالأنسان كالموت
أما "يوسف الرامى" الذى أئتمنه الرب يسوع على جسده المقدس لكى يقوم بتكفينه ودفنه ، وليستحق أن يتمم نبوة أشعياء النبى عن دفن السيد المسيح فى قبر رجل غنى (أش 53 : 9)و ذكر عنه لوقا الرسول أنه كان مشيراً ورجلاً صالحاً باراً ينتظر ملكوت السموات
وكان صديقه وزميله فى المجلس الأعلى "نيقوديموس" ، وكان كلاهما تلميذاً ليسوع فى الخفاء لسبب الخوف من اليهود ،
و كانا يجتمعان سوياً للتدارس فى تعاليم يسوع ،وقد قرر الاثنان الدفاع عنه أمام المجمع أكثر من مرة .و قد تغيبا سوياً عن الجلسة الأخيرة التى عقدت فى فجر يوم الصلب ،
و قد أثر كل منهما فى الأخر ؛ فنرى نيقوديموس غير خائف على مركزه مشتركاً مع يوسف علانية فى تكفين جسد السيد المسيح ، وقد تجرأ يوسف وتقدم إلى بيلاطس وطلب جسد يسوع لتكفينه …، بل وقد دفنه فى قبره الجديد المنحوت فى الصخر فى بستانه ، وأكمل كل مراسم الدفن من حنوط و أطياب فى الوقت الذى هرب فيه كل تلاميذ السيد المسيح .
إن موت يسوع قد صنع ليوسف ونيقوديموس بركة عظيمة ، فما أن أسلم يسوع الروح على الصليب حتى تبددت المخاوف وأسرع الاثنان إلى دار الولاية يطلبان الجسد ليقدما له الاكرام الواجب . لقد وقفا إلى جوار الرب و أعلنا أسمه بل ناديا به بعد ذلك مبشرين ولقد تنبأ السيد المسيح قائلاً : "وأنا إن أرتفعت عن الأرض أجذب إلى الجميع" ( يو12 :32) .
سأل يوسف الرامي بيلاطس ان يأخذ جسد يسوع فاذن له بيلاطس فجاء واخذ جسد يسوع ، وجاء ايضا نيقوديموس الذى جاء اولا الى يسوع وهو حامل مزيج مر وعود نحو مائة منا .
فاخذا يسوع ولفاه باكفان مع اطياب كما لليهود عادة ان يكفنوا وكان فى الموضع الذى صلب فيه يسوع بستان وفى البستان قبر جديد لم يوضع فيه احد قط فهناك وضعا يسوع لسبب استعداد اليهود لان القبر كان قريبا " ( يو19 : 38- 42 ) .
وهناك بعض قصص في التاريخ تعتقد أن يوسف الرامي ونيقوديموس وهم ينظرون المسيح عند دفنه، وهم يكفنوه، واحد مسك يد المسيح وقال له: هل اليد التي خلقت العالم تموت؟ فسمعوا صوت الملائكةتقول: "قدوس الله قدوس القوى قدوس الحي الذي لا يموت"
يوسف ونيقوديموس رجلان عظيمان ظلا مدة طويلة تلميذين ليسوع المسيح ولكن خفية لسبب الخوف من اليهود فلا شك انهما كانا شديدى الحرص على عضويتهما فى مجمع السنهدريم وكانا يخشيان ان يفقدا مكانتهما الاجتماعية بين قومهما وكانا يخافان على اموالهما الطائلة من ان تعبث بها عواصف الاضطهادات الدينية المتعصبة العمياء لذلك ظلا متخفين رغم محبتهما العميقة ليسوع وكانا يطمعان فى ان تتاح لهما فرصة ليخدما فيها سيدهما وقد جاءت هذه الفرصة عند الصليب .
لقد صهرت نيران صليب المخلص خوفهما وضعفهما فتحولا الى بطلين شجاعين ، قاما بانزال جسد يسوع وتكفينه ووضعه فى القبر غير خائفين من تعصب اليهود واضطهاداتهم